ما هي الديانة الهندوسية؟
نشأت الهندوسية في الهند وينتمي لها أكثر من 900 مليون شخص، يعيش غالبيتهم في الهند. يشكل الهندوس حوالي 15% من سكان العالم، وهم ثالث أكبر مجتمع ديني في العالم بعد المسيحيين والمسلمين.
يعود أصل كلمة هندو إلى اللغة الفارسية وكانت تشير إلى شعوب درافيداس وهارابا الذين كانوا يعيشون في وادي نهر السند في الألفية الثالثة قبل الميلاد. وفي حوالي 1500 قبل الميلاد هاجر الآريين من آسيا الوسطى إلى منطقة نهر السند وقاموا بقمع القبائل السابقة هناك. نتيجة لذلك ظهرت ديانات درافيداس والآريين والهندوسية إلى الوجود. في ذلك الوقت، تمت كتابة أهم الكتب المقدسة الهندوسية وهي الفيدا.
حوالي عام 800 قبل الميلاد اكتسب البراهمة (الهندوس) السيادة، وقاموا بنشر الكتابات الفلسفية الأولى لديانتهم. في الفترة اللاحقة “الفترة الكلاسيكية” والتي استمرت من عام 500 قبل الميلاد إلى 800 بعد الميلاد، تم بناء العديد من المعابد، وأصبحت براهما وفيشنو وشيفا الآلهة الرئيسية للديانة الهندوسية.
مفهوم الإله عند الهندوس
لا يوجد للديانة الهندوسية مؤسسو دين، مثل عيسى في المسيحية ومحمد في الإسلام. لديهم عدد لا يحصى من الآلهة والإلهات والعرافيين والقديسين، الذين وضعوا هذه الشبكة الكثيفة من التيارات الدينية والفلسفية على مدى 4000 سنة الماضية.
يُقال أن شبه القارة الهندية يسكنها أكثر من 330 مليون إله. يعيشون في المعابد والأضرحة والحجارة والأشجار والأنهار وحتى في الحيوانات. لكن يعتبر الآلهة الثلاث براهما وفيشنو وشيفا أحد أشهر آلهة الهندوس، ويعبدهم الناس بتجسيدات وبأسماء مختلفة. يعتبر براهما خالق الكون وسيد الآلهة ومانح الحياة في معتقد الهندوس. يعتقد الهندوس أن براهما وُلد من بيضة ذهبية ثم استدار وخلق الكون. بينما يعتبر فيشنو الإله الذي يدعم العالم ويحمي الناس وينقذهم من قوى الشر، ومن أجل ذلك، فهو يحول نفسه على سبيل المثال إلى سلحفاة أو قزم أو إنسان. يعيش فيشنو وفقاً للأساطير الهندوسية في كهوف جبال الهيمالايا. ويعرف شيفا الإله الذي لديه أسرة تتكون من زوجته بارفاتي وطفلين اسمهما غانيشا وكارتيكيا، والذي يعيش حياة زهد في جبل كيلاش على أنه واحد من الكيانات العليا التي تحمي الكون.
غالبًا ما يصلي الأطفال الهندوس لغانيشا، وهو إله له رأس فيل، يرمز إلى ذكاءه. غانيشا مسؤول عن إزالة العقبات على سبيل المثال عند اجراء امتحان مدرسي أو ما شابه.
العقيدة الهندوسية
لا يوجد في العقيدة الهندوسية قواعد حول ما يجب أن يؤمن به الهندوس. فمن الواضح تماماً ما يمكنهم وما لا يمكنهم فعله في الحياة اليومية. لأن كل هندوسي ينتمي إلى “طبقة” معينة منذ ولادته، وهو ما يسمى بالنظام الطبقي الذي يعتبر جميع الهندوس جزءاً منه ولا يمكنهم تركه أبداً. حيث يحدد هذا النظام المهن التي يُسمح للشخص ممارستها. كما يسمح الزواج فقط من شخص ينتمي إلى نفس الطبقة.
الطبقة العليا في النظام الطبقي الهندوسي تسمى الراهمة وينتمي لها على سبيل المثال الكهنة والعلماء. يُطلق على الطبقة الثانية اسم كشاتريا وتضم الجنود والمسؤولين والنخبة الحاكمة والعسكرية. الطبقة الثالثة هي فايشيا وتضم التجار والمستثمرين. بينما تسمى الطبقة الرابعة بالسودرا وهي طبقة الخدم والخبازين والنساجين وعمال المياومة.
إلى جانب ذلك، توجد طبقة أخرى غير موجودة في النظام الطبقي الهندوسي. لكنها موجودة على أرض الواقع وهم الهاريجان، المنبوذين الذين يقومون بجميع الأعمال التي تعتبر “قذرة” حسب اعتقاداتهم مثل كنس الشوارع وعمال الجلود ومتعهدو دفن الموتى. تم إلغاء نظام الطبقات هذا رسمياً في الهند، لكنه غالباً ما يظل ذا أهمية كبيرة في الحياة اليومية للعديد من الهندوس.
تعتبر العودة للحياة بعد الموت جزءاً أساسياً من العقيدة الهندوسية. حيث يعتقد الهندوس أن أرواح جميع الكائنات الحية ستعود للحياة من جديد بعد موتهم. ويعتقد هؤلاء أن الأرواح بعد الموت تعود على شكل إنسان أو حيوان أو نبات أو حتى كإله، حيث يعتمد ذلك على سلوك الشخص خلال حياته. فمن يعمل الخير، ويقوم بواجبه ويحترم التقاليد، يحصل على مكانة أفضل بعد موته، بحيث لو أنه كان يعمل بكنس الشوارع، سيعود بعد وفاته كرئيس لشركة أو كاهناً. ومن كان لئيماً في حياته، فسيولد من جديد على هيئة كلب أو دودة أرض. لذلك تعتبر معاملة الحيوانات معاملة سيئة مثل الأبقار أو الجرذان أو القرود خطيئة. إذ يمكن تعيش في داخل هذه الحيوانات روح جدة متوفاة على سبيل المثال.
الكتاب المقدس للهندوس
تعتبر الفيدا (كلمة في اللغة الهندية القديمة للعلماء السنسكريتية وتعني المعرفة) أقدم وأهم الكتب المقدسة في شبه القارة الهندية. وهي مقسمة إلى أربعة أجزاء، تضم مجموعة أدبية واسعة يعود تاريخها إلى ما بين 1700 و 500 قبل الميلاد. تتحدث الفيدا عن حقوق الطبقات الأربعة الهندوسية.
الكتب المقدسة الأخرى للهندوس هما الملحمتان العظيمتان “ماهابهاراتا” و “رامايانا” المكتوبتين باللغة السنسكريتية القديمة. تعتبر ماهابهاراتا أطول قصيدة ملحمية في العالم، حيث تحتوي على أكثر من 100,000 آية. تتحدث عن الأعمال والمهن وإرشادات الحياة والقضايا والوصايا. بينما تشمل رامايانا حوالي 1000 صفحة والتي ألفها الشاعر الأول فالميكي.
هناك أيضا العديد من الكتب المقدسة الأخرى التي تمت كتابة العديد منها باللغة السنسكريتية، ولكن أيضًا بلغات هندية أخرى. تتناول نصوص هذه الكتب علم الكونيات والأساطير وتعليمات الطقوس والموسيقى والرقص والعمارة والرياضيات والطب ومواضيع أخرى.